•••
مراجعة بعض الأرقام مفيدة جداً للدلالة على أهمية الحديث عن بعض الأمراض. وعلى سبيل المثال، دعونا نعرض بعض الأرقام المتعلقة بنزلات البرد common cold وبالإنفلونزا Influenza.
في المرض الأول، لو قيل لنا: - ثمة 200 نوع من الفيروسات القادرة على إصابة الإنسان بهذا المرض.
- المُعدل السنوي لإصابة البالغين بهذا المرض يتراوح ما بين مرتين إلى أربع مرات في السنة، وأن معدل إصابة الأطفال الصغار به تتراوح ما بين ست إلى عشر مرات في السنة.
- هناك مليار حالة من ذلك المرض تحصل سنوياً في دولة واحدة كالولايات المتحدة.
اما في المرض الثاني، لو قيل لنا:
- تبلغ الوفيات السنوية بسببه حوالي نصف مليون إنسان في كافة أنحاء العالم.
- وفي دولة واحدة، كالولايات المتحدة، يُصاب إلى حد 20% من الناس سنوياً به، ويحتاج الدخول إلى المستشفى لتلقي علاج مضاعفاته حوالي 200 ألف شخص، ويتوفى أكثر من 36 ألف شخص نتيجة الإصابة به.
لقلنا: إن هذين المرضين، أي نزلات البرد والإنفلونزا، يستحقان الاهتمام بالمعرفة لوسائل الوقاية والأعراض ووسائل المعالجة السليمة.
والملاحظة العلمية، والتي لا تزال المحاولات جارية لمعرفة سببها، أن الإصابات بنزلات البرد أو بالإنفلونزا، في المناطق الباردة والمعتدلة، ترتفع عند بدء واستمرار انخفاض حرارة الطقس، أي في ما حول فصلي الخريف والشتاء.
* حالات نزلات البرد
* التعريف العلمي لنزلات البرد هو أنه أحد الأمراض الفيروسية التي تُصيب الجهاز التنفسي العلوي، أي الأنف والحلق بالدرجة الأولى.
وعادة ما تبدأ أعراض الحالة بالظهور على المُصاب بعد ما بين يوم إلى ثلاثة أيام من التعرض لأحد الفيروسات المسببة للحالة.
وتشمل الأعراض:
- سيلان الأنف، أو اختناق مجرى التنفس عبر الأنف.
- تهيج أو ألم في الحلق.
- السعال.
- احتقان الأنف أو الحلق.
- ألم في عضلات الجسم.
- صداع خفيف.
- عطس.
- زيادة دمع العين، أو احتقان لونها.
- ارتفاع متوسط في درجة حرارة الجسم، الى حوالي 39 درجة مئوية.
- إجهاد عموم الجسم بدرجة متوسطة.
والملاحظ أن إفرازات سيلان الأنف، تكون عادة سائلة وشفافة، ولكنها قد تُصبح ثخينة القوام، ويميل لونها نحو الخضرة أو الصفرة.
وأهم ما يُميز نزلات البرد، عن الإنفلونزا مثلاً، هو أن حرارة الجسم لا ترتفع بدرجة عالية، ولا تكون الشكوى من الصداع شديدة، كما لا يكون إجهاد وتعب الجسم قوياً.
ولدى البالغين، ثمة دواع تتطلب مراجعة المُصاب للطبيب.
وذلك مثل ارتفاع حرارة الجسم إلى ما فوق 39 درجة مئوية، خاصة حينما تكون هذه الحمى مصحوبة بزيادة واضحة في إفراز العرق، أو إجهاد وتعب الجسم بصفة مرهقة، أو إخراج بلغم أصفر أو أخضر عند السعال، أو الشكوى من ألم في مناطق الجيوب الأنفية.
وهناك أكثر من 200 نوع من الفيروسات القادرة على التسبب بهذا المرض. والتي تُوصف عادة بأنها سهلة الانتقال فيما بين المُصاب والسليم.
وتدخل هذه الفيروسات إلى جسم السليم من خلال الأنف أو الفم أو العينين. والفيروسات هذه قادرة على الانتشار من خلال رذاذ الماء في الهواء، أي ضمن الرذاذ الذي يخرج من المُصاب حال عطسه أو سعاله أو كلامه أو ضحكه.
كما أنها قادرة على الانتشار بلمس اليد لليد، من مُصاب إلى سليم، أو من خلال لمس السليم لأشياء لمستها يد المُصاب، كسماعات الهاتف أو الهاتف الجوال أو مقابض الأبواب أو لوحة مفاتيح الكومبيوتر أو المناشف أو غيرها. وحينما يلمس السليم عينيه أو أنفه أو فمه بعد ذلك، فإن الفيروسات قد تدخل إلى جسمه.
* حالات الإنفلونزا
* الإنفلونزا حالة مرضية تتسبب بها العدوى بواحد من ثلاثة أنواع من «فيروسات الإنفلونزا».
وتُهاجم هذه الفيروسات أنسجة أغشية الجهاز التنفسي، والذي يشمل الأنف والحلق والشُعب الهوائية للرئة، وربما أنسجة الرئة نفسها. وعادة ما يُطلق البعض كلمة «فلو» flu على حالات الإنفلونزا.
وكثيراً ما يخلط الناس فيما بين نزلات البرد وبين الإنفلونزا، لأنهما يتشابهان في أعراض سيلان الأنف والعطس وألم الحلق.
ولكن ثمة فروقا جوهرية بين الإصابات بنزلات البرد وبين الإصابات بالإنفلونزا، ومن المهم التعرف عليهما، نظراً لتداعياتهما المختلفة على الصحة، خاصة لدى كبار السن أو المُصابين بأحد الأمراض المزمنة أو الأطفال.
وفي حين تبدأ أعراض نزلات البرد بالظهور ببطء على المُصابين، فإن حالة الإنفلونزا تبدأ وتتسارع في وقت قصير، حيث ترتفع الحرارة بشكل أعلى وأسرع، ويشكو المُصاب بالإنفلونزا من صداع، وألم وإعياء في الجسم، بصفة أشد. وبالجملة يكون المُصاب بالإنفلونزا أكثر معاناةً من مُصاب نزلات البرد.
* أعراض الإنفلونزا
* وتشمل أعراض الإنفلونزا:
- ارتفاع حرارة الجسم إلى أعلى من 38 درجة مئوية، لتصل إلى حدود 40 وربما أكثر لدى الأطفال.
- شعور بالقشعريرة والبرودة، مع زيادة إفراز العرق.
- صداع، ربما يكون شديدا.
- سعال جاف.
- ألم في العضلات، ووصف البعض لها بأن «عضلاته مكّسرة» قد يكون صحيحاً. وخاصة في الظهر والعضد والأفخاذ والساقين.
- إجهاد وضعف عموم البدن.
- احتقان الأنف.
- تدني أو فقد الشهية للأكل.
- إسهال أو قيئ، في بعض الأحيان، خاصة لدى الأطفال أو كبار السن.
ولأن حالات الإنفلونزا أشد، والاحتمالات أعلى لحصول المضاعفات بالتهابات الرئة أو الأذن أو غيرهما، فإن مراجعة الطبيب قد تكون ضرورية، خاصة عند بدء الشكوى من سعال مصحوب بإخراج البلغم، أو الارتفاع الشديد في حرارة الجسم، أو الشكوى من ألم في الصدر، أو وجود صعوبات في التنفس، أو غير ذلك مما ليس معتاداً في مثل هذه الحالات.
وتحصل العدوى بالإنفلونزا عند نجاح الفيروسات المسببة لها بالانتقال من شخص مُصاب إلى شخص سليم.
وتنتقل فيروسات الإنفلونزا عبر رذاذ الماء في الهواء، وهو ما يحصل عند عطس أو سعال أو كلام أو ضحك شخص مُصاب.
كما تنتقل الفيروسات عبر التصاقها لفترة على أحد الأشياء التي يُمكن عادة تكرار لمسها، كسماعة الهاتف وغيره مما تقدم ذكره، مما يلمسه السليم ثم يلمس فمه أو أنفه أو عينيه.
* أنواع فيروسات الإنفلونزا
* وهناك ثلاثة أنواع من فيروسات الإنفلونزا، إنفلونزا إيه A، وإنفلونزا بي B، وإنفلونزا سي C.
ونوع إيه A قد يتسبب بموجات وبائية قاتلة، تُصيب البشر فيما بين كل 10 أو 40 سنة.
بينما نوع بيB، قد يُؤدي إلى موجات أخف وأصغر، ومحصورة محلياً في مناطق جغرافية من العالم دون أخرى.
ونوع إيه A ونوع بي B من فيروسات الإنفلونزا، قد يتسببان بموجات الـ «فلو» السنوية التي تُصيب الكثيرين في غالبية مناطق العالم خلال فصلي الخريف والشتاء.
وأما نوع سي C، فلم تتسبب فيروساته بأي من موجات الإنفلونزا الوبائية.
والواقع أن فيروسات نوع سي C أكثر ثباتاً بشكل نسبي، وذلك بالمقارنة مع نوعي إيه A وبي B، اللذين كثيراً ما يتغيران ويتحوران في تركيبهما.
ولذا تظهر في كل عام تقريباً سلالات جديدة من نوع إيهA ونوع بي B. وهذا الأمر له أهمية خاصة في مدى تكوين جسم للمناعة ضد عودة الإصابة بأحد أنواع فيروسات إيه A أو بي B للإنفلونزا.
ومعلوم أن الشخص حينما يُصاب بأحد فيروسات الإنفلونزا، فإن جهاز مناعته يُكون أجساماً مضادة antibodies، لمنع تكرار الإصابة بهذه الفيروسات في المستقبل المنظور.
ولكن حينما تُغير وتُحور الفيروسات من تركيبها، فإن المناعة التي كوّنها الجسم في العام الماضي مثلاً، لا تبقى فاعلة وقادرة على مقاومة هذه الفيروسات التي طورت من بنيتها وشكلها، ما يجعل الإنسان عُرضة للإصابة بها والمعاناة منها لاحقاً.